~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||
|
||||||||||||||
![]()
أ. حنافي جواد
1. ونِعمَ الإرث! انطلق بخطًى سريعة كالبرَق، عسى أن يُدركَ صلاةَ الظهر مع الجَمَاعة - في مسجدٍ قديمٍ جدًّا، تَتَداعَى جُدرانُه... بمجرَّد وصولِه المسجدَ وجَد الجماعة قدِ انفضَّتْ، وقصعة الكُسْكُسِ قدْ لُعِقت. وكان ندمُه عليها شديدًا وحزنه مريرًا، وخصوصًا لمَّا علِم أنها - كانتْ - قصعة ساخِنة مرفوعة الهامَّة، تتفطَّر منها اللذَّة تفطرًا. ثم قصَد بيتَه فضرَب زوجتَه وضرَب أبناءَه وكسَر كلَّ صحن وجدَه، إلاَّ قصعة في الرُّكن وَرِثها عن أجداده. • قال الراوي: ونعمَ الإرث! 2. سعيدٌ: ولَمَّا أشرَفَ على سنِّ التقاعد، وأزِفَ موعدُ رحيله عن زُملائه، وجدران المؤسَّسة، وقاعة الأساتذة، غمَرَه فرحٌ عظيم، وسرورٌ جميل، ودِفءٌ طَلٌّ غزير. فلم يبقَ مِن أيَّام عمله سوى بِضعةِ أيام، يعدُّها بسُبحةٍ يضعُها على مكتبِه القديم؛ ليتركَ مجال التربية والتعليم، الذي قضَى فيه أربعين سَنَةً، ويتخلَّص من الجذور المربَّعة والحساب المُثلثيِّ، ومبرهنة طاليس، ومُشاكِسي الفصل ومُشاغِبيهم. وقُبَيل يومٍ واحد مِن تقاعدِه استفزَّه تلميذ استفزازًا خطيرًا، فوكَزه فمات فورًا! وزُجَّ بالأستاذ في السجن محكومًا عليه بعشرين سَنةً نافدة. • قال الراوي: ومِن القوَّة ما قتَل! 3. فيا سبحان الله: طَرَق أبوابَ جُلِّ الحُكماء في المشرقِ والمغربِ وبلادِ العجَم، عسى أن يَجِدَ لمرضِه العصيِّ علاجًا. فقدْ أنفق الملايين مِن الدولارات، وأتعبتْه كثرةُ الزيارات، والتنقُّلات والسؤالات - التي تُطرح عليه بعدَ كلِّ زيارة. فشاءَ اللهُ أن يُرزقَ بمولود، كان وجودُه سببًا في شفائِه وسعادتِه. فشُفِي وسَعِد. وعرفتُ ابنه طبيبًا بارعًا في تخصُّصٍ دقيق جدًّا، مشهودًا له بالتفوُّق والحنكة والإخلاص، استفاد مِن خبرته أهلُ الغربِ ولم يَقْدُرْه مسؤولو الشرق، فتُوفِّي الابن الطبيبُ وعاشَ أبوه مِن بعده عشرين سَنَةً. • قال الراوي: فيا سبحان الله! 4. أحلام سياسية: بمُجرَّدِ تناولِه وُجَيبة أشبهَ ما تكون بعَشاء، انطلق على جَناحِ السُّرعة، قاصدًا ركنَ الكوخ الذي يَشترك فيه مع خالتِه وأبنائها. خَلَد إلى فِراشِه عسى أن يحلُم حلمًا، يَحكيه لأخٍ له، في الدِّين؛ يحبُّ الأحلامَ وتفسيرَها.. ونَسِي غَسْلَ أسنانه القديمة المهترِئة، فغطَّى جسَدَه النحيل، برداءٍ ممزَّقةٍ أطرافُه، تفوح منه رائحةُ الفقر ممتزِجة برائحةِ العِطر! قال الراوي: رحمه الله! لقدْ كان رجلاً كريمًا بارًّا بخالته، اغتيل لأنَّه يحلُم أحلامًا سياسيَّة. 5. القعقاع: قصَد "القعقاع" السوقَ الأسبوعيَّة وهو كسلانُ ظمآن، في قبضةِ كفِّه لائحةٌ طويلٌ ذيلُها، أعدَّتها له زوجتُه "نُسَيمة" الملقَّبة بـ"قصيرة"؛ نِسبةً لقصرها. أخَذ "القعقاع" اللائحةَ يجتهد في قِراءتها وفكِّ شفراتها، فهبَّتْ ريحٌ فأخذت معها اللائحةَ وورقةً نقدية، فرجَع إليها - مسرعًا - بغير ما طلبتْ. فسمعْنا - نحن جيرانَه - صياحَه وبكاءَه، فتدخَّلنا لنُصلح، فقام إلينا يُرغي ويُزبِد، يَسبُّنا ويَشتُمنا، فضحِكتْ زوجتُه - حتى بدَتْ لنا أضراسُها السوداء! وقالت: هذا هو حالُ الأغبياء. ثم مَدَّتْ يدها مدًّا. وقدَّمتْ له سلسلةً مِنَ الصَّفعات. سَمِعها سكَّانُ العمارةِ كلُّهم. قال الراوي: رأيتُ "القعقاع" يعانق لقلاقًا جريحًا في الحديقة البعيدة. المواضيع المتشابهه: |
كاتب الموضوع | روح الأمل | مشاركات | 5 | المشاهدات | 651 |
![]() ![]() ![]() | انشر الموضوع |
![]() |
|
|
|