~{فعاليات منتديات وهج الذكرى}~ | |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||
|
||||||||||||||
![]()
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ [البقرة: 84]. قوله: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ﴾ أي: واذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا ميثاقكم، أي: عهدكم المؤكد. ﴿ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ﴾ بيان وتفصيل للميثاق الذي أخذه الله عليهم هنا، وهو أنه أخذ عليهم الميثاق في التوراة بأمرين: أن لا يسفكوا دماءهم، وأن لا يخرجوا أنفسهم من ديارهم. قوله: ﴿ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ﴾ أي: لا تريقون دماءكم، وسفك الدم سفحه وصبه وإراقته بالقتل. والمعنى: لا يرق بعضكم دماء بعض، بقتل بعضكم بعضًا؛ لأن قتل الواحد لأخيه بمثابة قتله لنفسه من أهل الملة الواحدة. ﴿ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ أي: ولا يخرج بعضكم بعضًا من دياركم؛ لأن إخراج الواحد من أهل الملة الواحدة لأخيه بمثابة إخراجه لنفسه، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ [النور: 61] أي: ليسلم بعضكم على بعض، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النساء: 29] أي: لا يقتل بعضكم بعضًا. وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر"[1]. والإخراج من الوطن الذي ولد فيه الإنسان ونشأ وترعرع على ترابه وأرضه ليس بالأمر الهين على النفس، بل قد يكون أشد عليها وأشق من القتل؛ ولهذا وقف صلوات الله وسلامه عليهم على "الحزْوَرَة[2]" مخاطبًا بلده مكة قائلًا: "والله إنك لخير أرض، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت"[3]. وقال الشاعر: ولي وطن آليت ألا أبيعه ولا أرى غيري له الدهر مالكا عمرت به شرخ الشباب مُنَعَّما بصُحبة قوم أصبحوا في ظلالك وحبب أوطان الرجال إليهمُ مآرب قضّاها الشباب هنالك إذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهمُ عهود الصبا فيها فحنّوا لذلك فقد ألفته النفس حتى كأنه لها جسد إن بان غودرهالكا[4] ﴿ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ ﴾ أي: ثم أقررتم بهذا الميثاق، واعترفتم به، وبقيتم عليه، والتزمتم به ﴿ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ الجملة حالية، أي: والحال أنكم تشهدون عليه، أي: تشهدون على صحة هذا الميثاق. المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن» [1] أخرجه البخاري في الأدب (6011)، مسلم في البر والصلة والآداب (2586)- من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. [2] "الحزْوَرَة"- على وزن "قسْوَرَة"-: موضع في مكة. انظر: "النهاية" مادة "حزر". [3] أخرجه الترمذي في المناقب- فضل مكة (3925)- من حديث عبد الله بن عدي بن حمراء الزهري رضي الله عنه. وقال: "حديث حسن غريب صحيح". [4] الأبيات لابن الرومي. انظر: "ديوانه" 5/1826. المواضيع المتشابهه:
|
كاتب الموضوع | روح الأمل | مشاركات | 10 | المشاهدات | 1572 |
![]() ![]() ![]() | انشر الموضوع |
![]() |
|
, , , , , , , , |
|
|